• ADEW: An Arab Feminist Blog

    Welcome to ADEW's blog. We explore the stories and issues women in Egyptian squatter communities face daily, such as domestic violence, poverty and marginalization. We hope to explore the ways our community can empower these women, and create a lasting impact in their lives.

مقال "كلاكيت تاني مرة .. التمويل الأجنبي للجمعيات الأهلية ليس شبهة"
بقلم الدكتورة/ إيمان بيبرس -رئيسة مجلس إدارة نهوض وتنمية المرأة
وخبيرة دولية في السياسة الاجتماعية وقضايا المرأة والتنمية
==========================
خلال الآونة الأخيرة، تردد على مسمعي كثيرًا موضوع التمويل الأجنبي للجمعيات الأهلية، وعاد بعض الأشخاص إلى التشكيك مرة ثانيةً في شفافية الجمعيات الأهلية التي تتلقى تمويلات خارجية، وهو ما دفعهم للمطالبة بمنع ووقف هذا التمويل، كما عادت الاتهامات التي يليقها البعض في وجه الجمعيات الأهلية بأنها جمعيات عميلة، وجاسوسية، وتفتح الباب للإبتزاز السياسي، فضلًا عن أنها لا تقم بدور كبير في المجتمع ولا تحل أي مشكلة من المشكلات بشكل جذري.
ولذلك سأحاول أن أزيل اللبس الدائر حول قضية التمويل الأجنبي، رغم أنني كثيرًا ما قمت بالرد على هذه الاتهامات الباطلة، وهذا بإعتبارى واحدة ممن أفنت حياتها كلها للعمل في مجال التنمية، ولدي خبرة طويلة في هذا المجال، كما أنني أترأس واحدة من الجمعيات الأهلية التنموية التي تعمل منذ أكثر من 27 عامًا في خدمة الآلاف من السيدات المهمشات في المناطق العشوائية.
وأسمح لي عزيزي القارئ أن أوضح أبعاد قضية التمويل الأجنبي من خلال ثلاث نقاط، وهي: أولًا: تاريخ التمويل الأجنبي وأسبابه وهل المجتمع المدني هو فقط الذي يحصل على تمويل أجنبي أم توجد منظمات أخرى ومؤسسات منها الحكومة نفسها، وثانيًا: طريقة الرقابة على التمويلات الخارجية من قِبل وزارة التضامن الاجتماعي والجهات الأمنية، وثالثًا: سألقي الضوء على إنجازات الجمعيات الأهلية، بعد اتهام البعض بأنها لا تقم بدور كبير في المجتمع، ولا تحل أي مشكلة بشكل جذري.
فالبنسبة للنقطة الأولى، والمتعلقة بتاريخ التمويل الأجنبي، فلها عدة محاور، فالتمويل الأكبر هو التمويل الحكومي، أي من حكومة إلى حكومة.. ومصر على مر السنوات وخاصة بعد معاهدة السلام وصل إليها مليارات من التمويل الأجنبي واستمر ذلك حتى فترة التسعينات حيث كانت كل هذه المنح تذهب إلى الدولة فقط، فأمريكا منذ عام 1979 وحتى الأن أعطت مصر بما يوازى 2.5 بليون (مليار) دولار سنوياً سواء عن طريق تمويل مباشر نقدي أو خدمات، وكانت كل هذه الأموال أيضاً تذهب إلي الدولة نفسها، ولكن منذ منتصف التسعينات أصبح أقل من 5% من التمويل يذهب إلى جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني ( والتى كانت معظمها في بدايتها عبارة عن مشاريع تعليم وصرف صحي تتم عن طريق الدولة ولكن يتم تنفيذها عن طريق جمعيات صغيرة تختارها الوزارة بنفسها) .
وبالتالي فكل هذه الأموال التي نسمع عنها تم تخصيصها لتطوير التعليم وتوفير منح دراسة ومساندة جهاز محو الأمية وتعليم الكبار، كما أن أحياناً نرى أن هناك جمعيات رجال أعمال تقوم بتخصيص أموال بشكل جدي وتوجهها للفقراء أو للورش أو لتوفير خدمات الصرف الصحي أو توفير مشاريع صحية للصعيد وغيره، وتقوم بتنفيذ ذلك عن طريق جمعيات، ومن جانب أخر نجد أن نسبة أقل من 15-20% من كل هذه المنح يذهب للمؤسسات الحقوقية سواء الإنسانية أو التي تهتم بالأطفال أو بالمرأة، ولكن معظمها يذهب للجمعيات التنموية.
ومن هنا أود أن أشير إلى أن هناك فرق واضح وجلي بين المؤسسات الحقوقية والجمعيات الأهلية التنموية، ويجب أن يتم تدارك الفرق بينهما داخل القانون الجديد للجمعيات الأهلية، فهما يختلفان عن بعضهما البعض من حيث المفهوم والوظيفة، وكذلك آليات عملهما، فالمؤسسات الحقوقية هي تلك المؤسسات التي تتخذ من المناداة بحقوق الإنسان ومتطلباته أساس عملها، أما الجمعيات الأهلية التنموية، فهي تلك الجمعيات التي تكون التنمية أساس عملها، كتنمية وتطوير المناطق العشوائية وإمداد سكانها بكافة الأدوات والمهارات التي تمكنهم من العيش في مستوى اجتماعي واقتصادي وصحي وثقافي أفضل.
وفى كل الحالات التي حصلت فيها الجمعيات الأهلية سواء كانت تنموية أو حقوقية على تمويلات كانت وزارة التضامن الإجتماعي وأمن الدولة يقوما بدورهما في الرقابة، ومن هنا نصل إلى النقطة الثانية، والتي تتعلق بطريقة الرقابة على التمويل الأجنبي، حيث تقوم وزارة التضامن والجهات الأمنية بممارسة دورهما في مراقبة عملية التمويل، فيكون الحصول على الموافقة على تلقي هذه التمويلات من قبل هاتين الجهتين؛ فوزارة التضامن من جهتها يكون لديها كافة الوثائق والمستندات الخاصة بالجمعية الأهلية التي تتلقى التمويل، بالإضافة إلى سابقة أعمالها في كافة المشروعات التي تنفذها، وكذلك الجهات الأمنية يكون لديها كافة المعلومات حول الجهات المانحة سواء تلك التي تمتلك مكاتب لها بمصر أو لا، وأؤكد أنه طالما أنه هناك رقابة سابقة ورقابة لاحقة لعملية التمويل، لن يكون هناك أي شبهة حول عملية التمويل، فحينها سيكون معلوم للجهات المختصة من هي الجهة المانحة ومن هي الجمعية التي ستتلقى التمويل، بالإضافة إلى ما يثبت طبيعة صرف الأموال المتلقاة خلال وبعد تنفيذ المشروع، فأولًا وأخيرًا، لن تأخذ الجمعيات الأهلية أي أموال من شأنها أن تضر بالأمن القومي للبلاد، فعندما تُقدم جهة مانحة ما على تقديم لتمويل لإحدى الجمعيات الأهلية، فإن الجمعية تقدم مقترحات تتماشى مع أهدافها ومبادئها التي تم إنشائها من أجلها، فتكون احتياجات الفئات المهمشة هي المحركة والموجهة لعملية التمويل، لا الجهة المانحة، فهدف الجمعيات هو خدمة قطاعات المجتمع المهمشة، وتلبية احتياجاتهم المختلفة.
ومن هنا ندخل إلى النقطة الثالثة في المقال، والتي تدور حول غياب الوعي بالدور الحقيقي للجمعيات وأن هناك خلط بين دور الدولة ودور الجمعيات، فهناك انتقادات كثيرة تقول أن الجمعيات لا تحل المشاكل ولا يوجد “أثر” ملموس، ولكن الحقيقة دور الجمعيات ليس بديلاً ولا يغني عن دور الدولة فهو مكمل لها كما أن الجمعيات ليست مسئولة عن حل مشاكل قومية ولكن دورها الأساسي هو تنبيه صانع القرار وإيصال صوت المهمشين وعمل نماذج ناجحة للحلول لتطبيقها في مناطق مختلفة من مصر.
كما أن هذه الجمعيات تمثل الضلع الثالث للمثلث الذي يقوم بتقديم خدمات تنموية للمواطن في مختلف القطاعات، فالضلع الأول يمثل الحكومة والثاني القطاع الخاص فهم يعملون جميعاً بشكل متوازي، فضلًا عن أن مشاركة الجمعيات الأهلية في تقديم الخدمات للمواطن يؤدي إلى تخفيف العبء على الحكومة.
واستطاعت الجميعات الأهلية أن تقدم العديد من الانجازات خلال السنوات الماضية، فهناك ما مجمله من 600 إلى 800 جمعية تقدم قروض متناهية الصغر، وهناك 2522 جمعية تعمل في مجال التعليم، وقامت هذه الجمعيات بصرف 40 مليون جنيه لتطوير هذا المجال خلال عام 2008، واستطاعت أن تنشئ هذه الجمعيات 8051 فصل محو أمية بما يمثل 8.2 % من الهدف القومي، فضلا عن أن تقرير من البنك الدولي والإتحاد الأوروبى لعام 2006 أوضح أن 60 % من الخدمات الصحية المقدمة للفقراء تقدمها جمعيات أهلية.
كما تعتمد الجمعيات الأهلية في تقديم خدماتها لمستفديها على قطاع كبير من الموظفين، فقطاع منظمات المجتمع المدني الآن يضم أكثر من 30 ألف جمعية يعملون في مختلف المجالات، كما أن هناك أكثر من 44731 شخص يعملون بهذه الجمعيات سواء متطوعين أو موظفين وبالتالي فهو يوفر فرص عمل كثيرة، كما وصل عدد الجميات الأهلية التي تعمل على تقديم قروض صغيرة وتوفير فرص عمل إلى 600 جمعية وهو ما يساهم في القضاء على البطالة أيضاً.
إضافة إلى كل ذلك فمنظمات المجتمع المدني تقوم بتسديد ضرائب سنوية تدخل ضمن بنود الدخل القومي لمصر، وبناءاً على كل ذلك فإن هذه المنظمات ليست مسئولة عن فئات مستهدفة فقط ولكن مسئولة عن أسر بأكملها، وهناك إنجازات حقيقية وفعلية لكثير من الجمعيات في جميع أنحاء مصر.
وعندما نتمعن في الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد خلال السنوات القليلة الماضية، نجد أن الجمعيات الأهلية تحتاج إلى تمويلات خارجية، فإذ تصورنا أنه قد تم منع التمويل الخارجي، فمن أين للجمعيات الأهلية أن تقدم دورها فى مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والرعاية الصحية والقروض متناهية الصغر؟!
فيا من تنادي بوقف التمويل الخارجي للجميعات الأهلية، هل تابعت ما حدث خلال تعثر الحصول على تمويلات أجنبية خلال السنوات الثلاث الماضية؟!، دعني أؤكد لك أن العديد والعديد من المشروعات والبرامج والأنشطة التي كانت تقدمها هذه الجمعيات توقفت، فباتت غير قادرة على استكمال دورها في تطوير وتنمية المجتمعات المهمشة، ولا تلبية احتياجات المواطنين الصحية والاقتصادية، بالإضافة إلى تسريح الموظفين بها، وهو ما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة للعاملين بهذا القطاع إلى جانب ارتفاع البطالة لدى الفئات المهمشة التي تتعامل معها هذه المؤسسات، فضلاً عن أنها لن تساهم كثيراً في رفع الدخل القومي للبلاد عن طريق الضرائب المفروضة على الأنشطة والمشروعات والتي هي نتيجة وقف التمويل متعطلة.
وأطالب الدولة بالعمل على جذب وتشجيع الجهات المانحة، لضخ أموالها في الجمعيات الأهلية التنموية، حتى تتسع دائرة المشروعات التنموية، ونستطيع تحقيق أكبر عدد من المستفيدين في مختلف المناطق المهمشة، التي تحتاج منا إلى الكثير والكثير من العمل، كي نحقق ما نتمناه لمصرنا الحبيب.

وختاماً، أرجو أن أكون قد أزلت الضباب الذي عاد ليكدسه البعض أمام الرأي العام ثانيةً، وأطالب الإعلاميين أن يكون لديهم الوعي الكامل بأبعاد قضية التمويل الأجنبي، وأن يقوموا بنقل كل ذلك إلى المواطنين، من أجل درء الشائعات التي تتعرض لها كافة الجمعيات الأهلية واتهامها بأنها جميعات جاسوسية.

0 Response for the "مقال كلاكيت تاني مرة .. التمويل الأجنبي للجمعيات الأهلية ليس شبهة "

Search

Sponsors