"لماذا لم تنجح قائمة
تهاني الجبالي"
بقلم
د. إيمان بيبرس
رئيسة مجلس إدارة جمعية نهوض وتنمية المرأة
الخبيرة الدولية في قضايا النوع والتنمية
لماذا لم تنجح قائمة المستشارة/ تهاني الجبالي؟.. هذا
التساؤل ظل يدور في ذهني لأيام ما بعد إعلان نتيجة الجولة الأولى من المرحلة
الثانية من انتخابات مجلس النواب، ففي الحقيقة أنا من أكثر الداعمين لقائمة
التحالف الجمهوري للقوى الوطنية التي تترأسها المستشارة /تهاني الجبالي.
ويأتي تدعيمي لها نتيجة أسباب عدة، منها، أنها شخصية ذات
ثقل وطني، ومدركة تمامًا لدورها الوطني الذي قامت به ومازالت تقوم به، ودليلًا على
ذلك ما لُقبت به من ألقاب كـ"قاهرة الإخوان"، ومن شدة ما فعلته بهم
قاموا بتغيير القانون لإقصائها من منصبها كنائب لرئيس المحكمة الدستورية، الذي
اختارها له المستشار الجليل/ فتحي نجيب- رئيس المحكمة الدستورية العليا وقتئذ عام
2003، وقد كان قاضيًا رفيع المستوى وحريصًا على استقلال القضاء.
كما أن اختياراتها لقائمة التحالف الجمهوري وأعضائها قائمة
على حالة سياسية بين قوى اجتماعية انتجت فيما بينها قيادات معبرة عنها وستستمر متمسكة
ببرنامجها السياسي، فضلًا عن وعي ومعرفة بدورهم وشعورهم الوطني، كما أن القائمة
تمتلك عقول علماء وشخصيات مفكرة، وفلاحيّ وعمال البلد وشباب، ومسلمين وأقباط.
وتدعيمي لقائمة "الجبالي" ليس عيبًا أو تقليلًا
من اللواء/ سيف اليزل؛ فهو رجل وطني وداعم لوطنه على كل المستويات، وتضم قائمته
بعض الشخصيات ذوات الثقل مثل الأستاذة/ هبة هجرس، والأستاذة/ مي بطران، وهن شديدات
الاحترام؛ حيث أعرفهنّ معرفة شخصية، ولكنني لم استطع تدعيم قائمة "في حب
مصر" لأن بها أعضاء ينتمون لجماعة 6 أبريل وغيرها، وما تردد بأنها تابعة
لمؤسسة الرئاسة بشكلٍ أو بآخر غير حقيقي على الإطلاق.
فضلًا عن أنني رأيت أنه من غير المنطقي أن اختار
"في حب مصر" وهي تضم أحزاب عديدة مختلفين في الأيدلوجية والفكر
والثقافات، ولن يوجد ضامن لاستمرار صلابتها ووقوف أعضائها على قلب رجل واحد، عكس
قائمة التحالف التي حرصت من خلالها المستشارة/ تهاني الجبالي أن يكون معظم أعضائها
لهم مهارات وخبرات وتاريخ متناغم ومتناسق ويكمل بعضه البعض.
وفي الحقيقة كنت أود لو أن اللواء/ سيف اليزل يكتفي بالـ
75 مقعد (60 مقعد في المرحلة الأولى و 15 مقعدًا في الدوائر التي لم تنافس فيها
"الجبالي")، وأن تحصل قائمة التحالف الجمهوري على مقاعد في المرحلة
الثانية؛ ليصبح لدينا تنوع راقٍ، وسيكون هناك كتلة معتدلة وطنية مثقفة تضيف مصداقيه
لمجلس النواب.
ومن هنا كان من الصادم لي أن تفشل قائمة "التحالف
الجمهوري" في انتخابات مجلس النواب، لذا ظللت أفكر في أسباب عدم نجاحها،
وتوصلت إلى عدة نقاط يمكننا وضعها في الحسبان كأسباب لعدم نجاح هذه القائمة
المشرفة، ودعني استعرضها معك عزيزي القارئ:
·
فأولًا- تترأس هذه القائمة سيدة، ونصفها تقريبًا سيدات: فمازالنا نعاني من الموروث الثقافي الذي لا يجعل السيدات نائبات في
البرلمان بهذا الحشد والكم الكبير، ولا يقبل أن تترأس فيه إمرأة ذات قامة كبيرة
مثل السيدة تهاني الجبالي، ومازال هناك إناسٍ يرون أن الرجال في البرلمان أفضل من
السيدات، رغم أن الدراسات العلمية تؤكد أنه يجب أن نثق في المرأة البرلمانية أكثر
من الرجل، حيث أن ما تحدثه المرأة من آثار في البرلمان لا يعود بالنفع على النساء فقط
بل على المجتمع ككل، فكلما زادت نسبة النساء زادت الثقة في العملية التشريعية. كما
أن الدراسات أثبتت أنه كلما زادت نسبة المرأة في البرلمان، كلما ارتفع نسبة النمو الاقتصادي.
·
ثانيًا- قلة الموارد المالية للدعاية الانتخابية للقائمة: حيث أن هذه الحملة قائمة على الجهود الذاتية للأعضاء، ولا يوجد أي رجل
أعمال يتولى عملية الصرف على دعاية هذه القائمة.
·
ثالثًا- إلقاء شائعات حول بعض المرشحين من أعضاء القائمة: فخلال الأيام الماضية التي سبقت عملية الانتخاب، روج بعض العناصر شائعة أن
هذه القائمة تتضمن مرشحًا ذا توجه وانتماء شيعي ويتلقى تمويلًا ودعمًا من إيران، ولديه
علاقات مع الحرس الثوري الإيراني، وهو ما نفاه المرشح بنفسه، متسائلًا: "لو كنت
على علاقة بالشيعة ويتم تمويلي من خلالهم، فأين هي أجهزة المخابرات مني؟! وإذا كنت
على علاقة بالحرس الثورى الإيرانى فأين هى الأجهزة الأمنية مني؟!، وهذه التساؤلات
منطقية جدًا؛ فمصر لديها جهاز أمني يعمل على مستوى عالٍ فيما يخص تلقي أي شخص
لتمويل من أي جهة، ويقوم بمراقبة هذه التمويلات. ومن هنا نجد أن هذه الشائعات ليست
صحيحة إطلاقًا، ولكن ترويجها كان من أهم أسباب عدم نجاح هذه القائمة.
·
رابعًا- دخول المستشارة/ تهاني الجبالي في جدالات سياسية
مع أشخاص لا يستحقون: حيث دخلت
المستشارة تهاني الجبالي في عدد من الجدالات مع عدد من الأشخاص الذين صوبوا سهام
الشائعات والنقد لها، وقد كانت "الجبالي" في غنى عن كل ذلك، وهو ما
تصيده لها البعض رغم أن هناك أشخاص آخرين مثل مرتضى منصور وعبد الرحيم علي دخلوا
في جدالات ومناقشات على نفس المستوى ولم يصبهم أي شئ فقط لأنهم رجال.
والمؤكد عزيزي القارئ أننا بعدم نجاح هذه القائمة، نكون
قد خسرنا إناسٍ كانوا سيكونون نوابًا على مستوى عالٍ من الوطنية، وكانوا سيمثلون
إضافة حقيقة للبرلمان، وأؤكد مرة أخرى أن دعمي لقائمة "الجبالي" ليس
لعيبٍ في "اليزل"؛ إنما دعمًا وتحفيزًا للتنوع الراقي، وأتمنى أن تؤدي القائمة الفائزة دورها المطلوب
منها تحت قبة البرلمان؛ وأنا على ثقة بأن اللواء سيف اليزل سيقوم بهذا الدور؛ لأنه
من الشخصيات التي عليها إجماع وتوافق حول دورها الوطني الفعال، وأكن له كل التقدير
والاحترام.